الأحد، 17 يوليو 2016

للكويتيين فقط .. شعب الله المختار



«أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي وأن أصون حياة الإنسان بكافة أدوراها» بهذا القَسَم النبيل يبدأ الأطباء حياتهم المهنية ضمن قواعد أخلاقية تتماشى مع المبادئ السامية لمهنة الطب ليمارسوا مهامهم في المستشفيات والمراكز الطبية . كيف سيمارس الطبيب مهنته السامية باراً بقسمه في ظل  قرار تخصيص مستشفى جابر للكويتيين فقط الذي يتعارض مع القسَم الطبي؟ ماذا سيقول عن وظيفته؟ متخصص بمزاولة مهنة الطب لشعب الله المختار "مريض كويتي فقط"؟! ماذا لو حصلت كارثة -حريق لا سمح الله- في منطقة جنوب السرة حيث يقع المستشفى ونتج عن الحادث إصابات من الوافدين والمواطنين؟ كيف سيتم التعامل مع المصابين؟ القرار ليس بجديد على نهج الوزارة التي مارست أبشع أنواع التمييز والانتهاكات، مروراً بحصر علاج الوافدين بالمستشفيات في الفترة المسائية، وفضيحة الرشوة الممنهجة في توظيف الممرضات باستغلال حاجتهن للوظيفة مقابل مبالغ مالية، إلى التعسف في انهاء خدمات الممرضين من الكويتيين البدون. ما هو أثر هذا القرار المثير للجدل على المجتمع و على الأجيال القادمة؟ كم سنحتاج لنشر ثقافة التسامح والتعايش؟ المؤسف أن نسبة كبيرة من المواطنين و أعضاء مجلس الأمة أيّدوا قرار الوزير ووصفوه "بالشجاع" بحجة تضخّم أعداد الوافدين مقارنةً بعدد المواطنين ليصبحوا أقلية في وطنهم، متناسين أن تاريخ البدء الفعلي للمشروع كان يوم 15 ديسمبر 2009  ومدة تنفيذ المشروع  1460 يوماً "أربع سنوات" للإنشاء والتأثيث بالإضافة إلى 730 يوماً للتشغيل ونحن اليوم في السنة السابعة! ما هي أسباب التأخير من أربع سنوات الى سبع سنوات؟ و من هو المسؤول؟ ونكررها مراراً المشكلة ليست في تضخّم عدد الوافدين، إنما في تضخّم الفساد الاداري  وسوء الادارة للقطاعات الحكومية. أليس من حق المعلمة الوافدة التي تطالبونها بتقديم أجود أنواع التعليم أملاً في نمو أطفالكم بأن تتمتّع بالخدمات الطبية المتطورة على مستوى متقدم من الجودة؟ ما الذي يمنع المهندس الوافد الذي قام بتصميم المنازل بأعلى مقاييس الجودة حتى يتمتّع بقدر مميز من العلاج؟ حاسبوا تجار الإقامات، تجار العمالة السائبة، طبّقوا عليهم أقسى أنواع العقوبات، اطّلعوا على تجارب الدول المجاورة في قانون التأمين الصحي للمقيمين والوافدين، لكن لا تعالجوا المشكلة بمشكلة أكبر منها، فالقرارات العنصرية ستشوّه سمعة الكويت في المحافل الدولية و هذا ما نخشاه على بلادنا في المدى البعيد. شخصياً استفزني القرار لما يحمله من تمييز عنصري وانتهاك لحقوق الانسان والمواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الانسان التي صادقت عليها الكويت. أين مواقف جمعيات النفع العام من هذا القرار؟ أين بيانات مؤسسات المجتمع المدني؟ أين هم شعب الكويت الغيور على سمعة وطنه ، فلنحافظ على ما تبقى لنا من مكتسباتنا الدستورية فلنقف وقفة واحدة ضد كل من يمارس التمييز وينشر العنصرية والكراهية، دعونا ننشر المحبة والرحمة والمودة. سيسجل التاريخ أنه في اليوم السابع والعشرين من يونيو عام 2016  خاب أمل الشعب الكويتي بإصدار وزير الصحة د.علي العبيدي قراراً يتعلق بتخصيص مستشفى جابر الأحمد لعلاج الكويتيين فقط. نعم هذا ما حدث في دولة المؤسسات والدستور الذي كرّس مبدأ المساواة في المادة 29 «الناس سواسية بالكرامة الإنسانية وهم متساوون بالحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». الجدير بالذكر أن مستشفى جابر يُعد أكبر مستشفى في الشرق الأوسط وسادس أكبر مستشفى في العالم، حيث  يحتوي على 1168 سرير "للكويتيين فقط"! ومزوّد بثلاثة مهابط لطائرات الهيلوكبتر، فضلاً عن توافر خمسة آلاف موقف لمركبات المراجعين "الكويتيين فقط" و50 موقفاً لسيارات الإسعاف وملجأ لحماية "الكويتيين فقط". يقول الشاعر فهد العسكر في قصيدته                 بسمة و دمعة:                                                          ما نحنُ في وطنٍ إذا صرخَ الغيورُ به يرى نَفَراً من الأعوانِ

ما نحنُ في وطنٍ  إذا نادى الأبيُّ به يجابُ نِداهُ يا أقراني

وطـنٌ به يتجرّعُ الأحــرارُ وا أسفاهُ صـابَ البؤسِ والحرْمانِ

تجري السفينةُ في محيطٍ هائلٍ وعُيونُنا تـرنـو إلى الرّبـان

كيفَ السبيلُ إلى النجاةِ ولم تزلْ عرضَ الخِضّم* سفائنُ القرصانِ ؟ 

رَبّاهُ جارَ الأقويا فانظرْ إلى ما يفعلُ الإنسانُ بالإنسانِ


هيا المقرون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق